اخبار العراق الان

عاجل

صفحة جديدة في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية

صفحة جديدة في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية
محمد علي الحسيني

في إطار عودة العلاقات بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، زار وزير خارجية طهران العاصمة الرياض في زيارة هي الأولى من نوعها شكلت خطوة مهمة في تاريخ العلاقات بين البلدين اللذين شهدا سنوات من التوترات وانقطاع العلاقات، عودة المياه إلى مجاريها لاحت مؤشراتها منذ خطاب سمو الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - الذي صدق الوعد عندما أكد أن رؤية المملكة 2030 قائمة على تصفير المشاكل مع دول الجوار، وفعلاً كانت خطوات سموه تصب خدمة لهذه الرؤية الرائدة على كل المستويات بما فيها علاقات المملكة الخارجية.

زيارة وزير خارجية إيران إلى العاصمة الرياض تأتي في ظل عودة العلاقات السعودية - الإيرانية والتي كان مخططاً لها عقب لقاء وزیر الخارجیة السعودي بالرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي مؤخراً في طهران، ولدى زيارته إلى المملكة الخميس التقى عبد اللهيان بوزير خارجية المملكة فيصل بن فرحان، وهو مؤشر إيجابي على أول زيارة رسمية لمسؤول رفيع المستوى من الجمهورية الإسلامية إلى المملكة العربية السعودية بعد سنوات عجاف، وهذه الزيارة واللقاءات ستساهم بشكل جدي وعملي في تحسين العلاقات التي بدأت بوادرها منذ الإعلان عن اتفاق بكين بين إيران والسعودية، ورسختها الزيارات المتبادلة وأكدتها تصريحات الطرفين، فابن فرحان أكد حرص المملكة على تفعيل الاتفاقات الأمنية والاقتصادية مع إيران وأعرب عن رغبة بلاده الجادة والصادقة لتعزيز الثقة المتبادلة مع إيران، في المقابل أكد عبد اللهيان أن العلاقات بناءة وتسير في اتجاهها الصحيح مع رفع مستوى التعاون والتنسيق.

زيارة عبد اللهيان إلى الرياض واستقباله من قبل سيدي سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان سيكون لها آثارها الإيجابية على مستقبل العلاقات من خلال استمرار التعاون المشترك ضمن المجال الأمني الإقليمي والاقتصادي، وهذا لا شك له دلالة على أن التوافقات الإقليمية ستنعكس لصالح أمن واستقرار منطقتنا لتعيش بأمان وتتجه نحو السلام والاستقرار.

لا شك أن اللقاء الذي جمع عبد اللهيان بابن فرحان يشكل نقطة تحول كبيرة من شأنها تسريع وتیرة تطویر العلاقات بين الرياض وطهران على مستوى العلاقات الاستراتيجية التي يصبو كلاهما إلى تفعيلها عبر عقد اتفاقيات اقتصادية ضخمة مشتركة تسهم في تطوير اقتصاد البلدين، إضافة إلى تشكيل لجان سياسية وحدودية واقتصادية مشتركة ومكافحة تهريب المخدرات، بما في ذلك التعاون في مجال البيئة.

كما أن الزيارة عملت على ترتيب زيارات مستقبلية قريبة لوفود اقتصادية إيرانية إلى المملكة العربية السعودية، هدفها إنشاء منتديات اقتصادية، ولجنة مشتركة للعلاقات الثنائية لتسريع العلاقات بين البلدين، وإننا نؤكد أن ثمار هذه الزيارة وما سبقها وما سيعقبها من زيارات ساهمت إلى الآن في زيادة مستوى التبادل التجاري، الذي بلغ 16 مليون دولار.

صحيح أن العلاقات عندما انطلقت ركزت بشكل كبير على التبادل التجاري والصفقات الاقتصادية، ولكن الجديد الذي لفت انتباهنا هذه المرة رغبة إيران على لسان وزير خارجيتها في تشكيل لجان فنية وتخصصية متنوعة مع السعودية والعمل معها لحل الموضوعات العالقة بالمنطقة بشكل فوري، وهو ما يشكل قفزة نوعية في العلاقات السعودية - الإيرانية التي لم تعد محصورة فقط في المجال الاقتصادي، بل تجاوزته إلى مختلف القضايا العالقة في المنطقة بما يخدم المصالح المشتركة والاحترام المتبادل في إطار مرحلة جديدة قائمة على أساس الاستقرار والأمن والتنمية.