اخبار العراق الان

ما هو مجتمع الميم الذي يعتزم برلمان العراق إعداد قانون بشأنه؟

ما هو مجتمع الميم الذي يعتزم برلمان العراق إعداد قانون بشأنه؟
ما هو مجتمع الميم الذي يعتزم برلمان العراق إعداد قانون بشأنه؟

2023-08-23 00:00:00 - المصدر: موسوعة العراق


العراق/ بغداد/ موسوعة العراق

يناقش مجلس النواب العراقي مشروع قانون يمكن أن يقرّ عقوبة الإعدام أو السجن للمثليين، ما يثير قلقا بالغا بين منظمات حقوقية وناشطين يتخوفون من تشريع "الإفلات من العقاب" في قضايا عنف ضد مجتمع الميم.

وعندما يصل مثل موضوع كهذا إلى البرلمان، فهذا يعني أن مجتمع الميم آخذ في التزايد في دولة مثل العراق، الأمر الذي يطرح جملة من التساؤلات.

في إيران المجاورة، تعتبر المثلية انحرافاً" قد تصل عقوبته الى الإعدام، لكن في العراق، لا يوجد حتى الآن قانون حول المثليين. ولكن القضاة يستندون الى قانون يعود لعام 1969 لإدانة المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية (LGBT +)، بناءً على تهمة ممارسة اللواط وتصل عقوبتها الى "السجن المؤبد أو عدة سنوات".

وينظر المجتمع العراقي العشائري والمحافظ نظرة سلبية إلى المثليين.

وذكر تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" نشر العام 2022 أن مجتمع المثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وحاملي صفات الجنسين، هدف متكرر لعمليات "الخطف والاغتصاب والتعذيب والقتل" من جماعات مسلحة تحظى ب"إفلات من العقاب".

وطرح نواب يمثلون أغلبية نسبية في البرلمان العراقي تعديلاً على قانون مكافحة الدعارة لعام 1988. وينص مشروع القانون الذي تمت قراءته الأولى الأسبوع الماضي، على "عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد" لأي شخص "أقام علاقة شذوذ مثلي".

كما يعاقب من يقوم ب"الترويج للشذوذ المثلي" بالسجن لمدة لا تقل عن "سبع سنوات".

"صرف الانتباه"

وقال النائب سعود الساعدي، رئيس كتلة "حقوق" النيابية والممثل السياسي لكتائب حزب الله المقربة من إيران، لوكالة فرانس برس، إن القانون "ما زال في طور النقاش والحوار وتبادل الآراء"، موضحا أن التعديل يهدف الى "أن يغطي أي مساحة ويسدّ أي فراغ".

وعن الصيغة النهائية للقانون، قال النائب الساعدي "هناك كما يبدو مستجدات تفسير مصطلحات ودخول مصطلحات جديدة مثل الجندر أو النوع الاجتماعي.... لذا كانت فكرة القراءة والتعديل"، مشيرا الى أنه ستكون هناك قراءات أخرى لمسودة القانون الذي لم يحدد موعد نهائي لإنجازه.

وقال النائب شريف سليمان، عضو الحزب الديموقراطي الكردستاني، في مقال نشرته صحيفة "الصباح" الحكومية، إنه يدعم تشريع القانون لتأكيد "القيم الأخلاقية والإنسانية" للمجتمع ومحاربة "الظواهر الشاذة فيه"، مؤكداً على "وجوب أن تكون هناك قوانين (رادعة) بهذا الشأن".

والعراق ليس البلد الأول الذي يريد تشديد إجراءات ضد مجتمع الميم، فقد جمّد البنك الدولي قروضا لأوغندا بسبب قانون ضد المثليين أقرّه في أيار/مايو الرئيس يويري موسيفيني.

وترى رشا يونس المتخصصة في مجال حقوق المثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وحاملي صفات الجنسين، في منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن الحكومة العراقية تسعى وقبل كل شيء، إلى "صرف انتباه الجمهور عن افتقارها للإنجازات".

وتضيف لفرانس برس أن هذا التشريع الجديد يمثّل "تتويجاً" لسلسلة من الهجمات ضد مجتمع الميم.

"تنتهي حياتي"

في الوقت ذاته، تدرس "هيئة الإعلام والاتصالات" الحكومية المسؤولة عن متابعة عمل وسائل الإعلام العاملة في العراق منع وسائل الإعلام من استخدام مصطلح "المثلية " عند الإشارة الى "الانحراف الجنسي"، وفقا لمصدر في الهيئة الرقابية. كما سيتم حظر كلمة "جندر" إذا تم تبني هذا الإجراء.

وتزايدت خلال الأشهر الماضية خطابات مناهضة لمجتمع الميم في العراق.

ودعا رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري غير الممثل في الحكومة الحالية، "جميع المؤمنين في العالم أجمع" إلى "مناهضة المجتمع الميمي لا بالعنف ولا بالقتل والتهديد (....)، بل بالتثقيف والتوعية".

وفي تظاهرة لأنصار التيار الصدري خرجت قبل أسابيع رداً على حرق نسخة من المصحف في السويد، أحرق البعض أعلام "قوس قزح" التي ترمز للمثلية تلبية لنداء زعيم التيار الذي رأى في ذلك "أفضل طريقة لاستفزاز" من يدعم أو يدافع عن حرق القرآن.

وأدرك عبد الله، عراقي عمره 33 عاما، وسط هذه الأجواء، أن عليه أن يغادر العراق فانتقل من بغداد إلى تركيا خلال الفترة التي جرت فيها تظاهرات قرب مبنى السفارة السويدية في وسط العاصمة.

وقال عبد الله لفرانس برس "أصبح الوضع أصعب، لأن ليست هناك أي حماية لنا من السلطات". وتابع "إذا عرف أحد أنني مثلي ولديه مشكلة معي، يمكن أن يرسل اسمي أو صورتي الى المجاميع المسلحة، فتنتهي حياتي".

وتاريخ المثليين في العراق، مثل في العديد من البلدان الأخرى، يمتد لفترة طويلة وقد شهد تغيرات عبر الزمن. الوضع القانوني والاجتماعي للمثليين في العراق كان دائمًا معقدًا ومتغيرًا. فيما يلي لمحة عامة عن تاريخ المثليين في العراق:

العصور القديمة

يُعتقد أن هناك إشارات إلى وجود علاقات مثلية في العصور القديمة في مناطق تُعرف اليوم بالعراق. تمثل بعض الأمثلة على ذلك في الأدب الشرقي التقليدي والتراث الثقافي.

العصور الحديثة

بعد الاحتلال البريطاني للعراق في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي، بدأت بعض التأثيرات الغربية في التسلل إلى المجتمع العراقي.

ومع تطور وسائل الإعلام والتواصل، زاد التوجه نحو القضايا المتعلقة بالمثلية الجنسية.

العصور الحديثة والمعاصرة

بعد سقوط نظام صدام حسين في عام 2003، شهدت البلاد تغييرات سياسية واجتماعية كبيرة.

ومع ذلك، لا يزال هناك توجه مجتمعي كبير ضد المثليين في العراق.

القوانين

فيما يتعلق بالقوانين، يُعاقب القانون العراقي الحالي العلاقات المثلية بشدة.

وعلى الرغم من أن القانون الجنائي العراقي لا ينص صراحة على العقوبات للمثلية الجنسية، إلا أنه يمكن استخدام أنظمة أخرى لمعاقبة المثليين.

الوضع الاجتماعي

 التوجه الجنسي موضوع حساس جداً في العراق، وقد تكون عواقب الإفصاح عن الهوية المثلية خطيرة.

في الدستور

تنص المادة (٤١) "العراقيون احرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم وينظم ذلك بقانون".

ويقول قانونيون إن أي قرار يصدره البرلمان ضد مجتمع الميم سيكون منافياً للدستور، وخاصة تلك المادة التي تتحدث عن حرية الاختيار.

وتعرف حرية الاختيار على انها: مفهوم أساسي في حقوق الإنسان والفلسفة السياسية. إنها تشير إلى القدرة على اتخاذ قرارات ذاتية بحرية دون تدخل خارجي قهري أو اجباري. فيما يلي تفسير أعمق لهذا المفهوم:

  • قدرة على الاختيار الذاتي: حرية الاختيار تعني أن الأفراد لديهم الحق في اتخاذ قراراتهم الشخصية بناءً على إرادتهم الخاصة وقيمهم الشخصية. هذا يتضمن القدرة على اختيار أنماط الحياة والقرارات المتعلقة بالمسارات المهنية والعلاقات والعقائد الدينية والسياسية.
  • غياب التدخل القهري أو الاجباري: حرية الاختيار تفترض عدم وجود تدخل قهري أو اجباري من قبل الحكومة أو المجتمع أو أي كيان آخر يمكن أن يجبر الفرد على اتخاذ قرار معين أو يقيده في اختياراته.
  • مسؤولية وعواقب: مع حرية الاختيار تأتي مسؤولية الفرد عن اختياراته. يجب أن يكون الفرد قادرًا على تحمل العواقب الناجمة عن قراراته الشخصية والمهنية.
  • تنوع الاختيارات: الحرية في الاختيار تشمل أيضًا توفير خيارات متعددة للأفراد حتى يكون لديهم فرص حقيقية لاتخاذ القرارات وفقًا لاهتماماتهم واحتياجاتهم.
  • حقوق الإنسان: حرية الاختيار هي حق أساسي في إطار حقوق الإنسان، وهي مدرجة في وثائق دولية مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وهذا يعني أن أي قرار يصدره البرلمان سيكون هواءً في شبك، طالما أن الدستور العراقي يقر حرية الاختيار!، فهل يعقل أن تبقى نخبة الحكم الحالية حاكمة دون أن تقر حقوق المثليين؟

المصدر: فرانس برس + وكالات