اخبار العراق الان

عاجل

القصف الأميركي لسوريا دليل توجس من مرحلة ما بعد الأسد

القصف الأميركي لسوريا دليل توجس من مرحلة ما بعد الأسد
القصف الأميركي لسوريا دليل توجس من مرحلة ما بعد الأسد

2024-12-12 02:00:06 - المصدر: اندبندنت عربية


 الجولاني يتحدث إلى حشد من الناس داخل المسجد الأموي في دمشق بعد الإطاحة ببشار الأسد، سوريا، 8 ديسمبر 2024 (رويترز)

بدت واشنطن مذهولة من الانهيار المفاجئ لنظام بشار الأسد الوحشي في سوريا خلال عطلة نهاية الأسبوع، لكن ذهولها لم يكن بقدر الذهول الذي أصاب كل من كان على الأرض عندما شن سلاح الجو الأميركي عشرات الغارات الجوية على 785 موقعاً في سوريا، بينما كان الأسد في طريقه إلى المنفى في موسكو.

لكن هذه الغارات لم تكن دعماً أميركياً للتمرد الذي أطاح بحكم آل الأسد بعد أكثر من 50 عاماً في السلطة، فقد أطلقت الـ "بنتاغون" قاذفات قنابل من طراز "بي-52" ومقاتلات من نوع "إف-15" ومقاتلات "إيه-10 وارتهوغ"، لأن الائتلاف الذي زحف إلى دمشق بقيادة "هيئة تحرير الشام" مرتبط بالتطرف الإسلاموي العالمي.

تتمتع الولايات المتحدة، بمساعدة وحدات صغيرة من القوات الخاصة والاستخبارات الخارجية البريطانية، بوجود كبير في شرق سوريا حيث تستخدم قواعد يحميها أكراد سوريون، وكذلك بعض المخابئ الصحراوية، لشن حملة ضد ما تبقى مما يُسمى "داعش"، والانتصار المفاجئ للمتمردين على الحكومة السورية يعني أن "داعش"، بغض النظر عن مدى اعتدال "هيئة تحرير الشام" وحلفائها الجدد، ستحاول استعادة بعض الأراضي التي كانت تحكمها في السابق، وتمتلك "داعش" من القواسم المشتركة مع الثوار السوريين ما يفوق الآن القواسم المشتركة التي امتلكتها ذات يوم مع نظام الأسد العلماني المخلوع.

في دمشق دعا زعيم "هيئة تحرير الشام" أحمد الشرع إلى تشكيل حكومة انتقالية، وأصدر أنصاره أوامر تتضمن حظر إطلاق النار عشوائياً وتصر على عدم إجبار النساء على ارتداء الزي الإسلامي المحافظ، ورسالته هي "لسنا داعش"، لكنه كان عضواً في "داعش" وانتسب أيضاً إلى "القاعدة"، وكثر من أعضاء الميليشيات التي تشكل الائتلاف الذي انتصر في هذه المرحلة من الحرب الأهلية في سوريا يشتركون في العقيدة مع مؤسس "القاعدة" أسامة بن لادن ومؤسس "داعش" أبو بكر البغدادي.

ومثلما أصبحت بعض المناطق المحررة من سلطة الأسد بعد عام 2012 نقطة جذب لمتشددين جهاديين من أنحاء العالم كله، فمن المتحتم أن تجتذب سوريا المحررة بالكامل من الديكتاتور متطرفين إلى بلاد تخلصت من النفاق والقتل والفساد الذي ميز حكم الأسد العلماني.

سيشعرون أيضاً باستياء شديد يستندون إليه مهما ادعى الائتلاف والفريق الانتقالي الذي تقوده "هيئة تحرير الشام"، وسيتدفق كثر إلى سوريا لإنشاء دولة يأملون في أن تكون منارة في الظلام المحيق بالشرق الأوسط.

الاسم الحركي للشرع هو أبو محمد الجولاني، أي أبو محمد المتحدر من الجولان، ومرتفعات الجولان هي أراض سورية احتلتها إسرائيل عام 1967، والأحد الماضي اتخذت إسرائيل مزيداً من الإجراءات لإقامة "منطقة عازلة" هناك، وسيرغب الجولاني في تحرير الجولان من إسرائيل بقدر ما رغب في تحرير دمشق من الأسد.

وباعتباره إسلاموياً يؤمن بأخوّة المسلمين من خلال "الأمة" (المجتمع الإسلامي العالمي)، فهو الآن يترأس سوريا التي سحقت القومية العربية (من خلال حزب البعث بزعامة الأسد) وقد تكون الآن بمثابة قاعدة لاستعادة الأرض والثأر لأرواح المسلمين التي أُزهقت.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هناك ما نسبته 80 في المئة من أصل 43 ألف شخص قتلتهم إسرائيل في غزة خلال الأشهر الـ 13 الماضية من النساء والأطفال، وقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب، ويبدو موقف المملكة المتحدة غامضاً في شأن ما إذا كان هذان الإسرائيليان يواجهان خطر الاعتقال فيها، إذ ترفض الولايات المتحدة قرار المحكمة الجنائية الدولية رفضاً قاطعاً، ولا تزال إسرائيل تحصل على مساعدات عسكرية من أميركا وتستطيع شراء الأسلحة من المملكة المتحدة.

وإسرائيل التي تواصل الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية الواقعة في الضفة الغربية في صورة غير قانونية، ويبدو أن لديها خطة لطرد جميع الفلسطينيين البالغ عددهم 2.5 مليون فلسطيني من قطاع غزة، لا يوجد ما يشير في الغرب إلى أنها ستواجه خطر التعرض إلى عقوبات اقتصادية إذا نفذت ذلك، ولنقارن ذلك بالعقوبات الخانقة التي فُرضت بحق على موسكو، وقرار المحكمة الجنائية الدولية الذي يعني أن الرئيس فلاديمير بوتين يواجه الاعتقال في مطار هيثرو، وحظر الأسلحة العدواني الذي يواجهه الاتحاد الروسي.

لقد قتل نظام بوتين، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، 12 ألف مدني في أقل من ثلاثة أعوام بقليل، ويبدو هذا الأمر لكثيرين من غير المتطرفين عنصرية ونفاقاً من جانب الغرب، إنه مجرد أحدث مثال على عدم أهمية حياة ذوي البشرة السمراء في نظر القادة الغربيين، فلقد أظهر غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة مدى قلة معرفة واشنطن أو اهتمامها بعواقب عنفها.

ورفض باراك أوباما الوفاء بوعده بمعاقبة الأسد على الهجمات التي شنها بأسلحة كيماوية على شعبه أوضح هذه النقطة، على غرار رفضه قبل ذلك دعم القوى الديمقراطية التي ثارت ضد نظام الأسد في المقام الأول، والآن حلّ السوريون، ومعظمهم من المسلمين السنّة، مشكلتهم الخاصة بأنفسهم من خلال تخليص بلادهم من الأسد، وخلال قيامهم بذلك سحقت الولايات المتحدة أكبر قدر ممكن من "داعش" لمنع المتطرفين من التدفق غرباً إلى دمشق، وقصفت إسرائيل كل الأسلحة المتطورة التي اعتقدت بوجودها في سوريا لمنع أي شخص من استخدامها لتحرير الجولان مثلاً، وقد ترغب القيادة الجديدة في سوريا في إنشاء دولة جديدة آمنة يرغب ملايين اللاجئين في العودة لها، وتفي بوعدها بتوفير الأمن للأقليات الدينية والعرقية.

لكن نجاح التمرد في حد ذاته قد يكون العامل الذي سيقضي عليه، لأنه سيجذب كثيرين ممن يمتلكون خططاً أكثر خطورة، وتُظهر الغارات الأميركية الأخيرة مدى قرب بعض هذه الأخطار الآن.

القصف الأميركي لسوريا دليل توجس من مرحلة ما بعد الأسد