اخبار العراق الان

رافد جبوري: بيوت مسكونة بالاشباح

رافد جبوري: بيوت مسكونة بالاشباح
رافد جبوري: بيوت مسكونة بالاشباح

2015-11-26 00:00:00 - المصدر: واي نيوز


"هل فعلا هناك تصويت على تقسيم العراق استاذ رافد؟" اتاني السوال عبر احدى وسائل التواصل على هاتفي النقال من صحفي عراقي من بغداد.

 

ولأنني لم اسمع شيئا جديدا عن الموضوع, اجبته باسئلة اساسية مثل اين ومن المصدر الخ. وتلك هي الاسئلة الاولى والاساسية لأي خبر صحفي.

 

"على اساس بالكونغرس تصويت على تقسيم العراق هواية وكالات جايبة الخبر".. اجابني بسرعة صديقي الصحفي الذي يعمل في موقع يسمي نفسه وكالة انباء.

 

اكثر من ازمة تفجرت امامي في اسئلة هذا الصحفي اولها ازمة الاعلام والمعلومة في بلد من المفترض انه خرج منذ عهد بعيد من نظام الاعلام المقيد الى الاعلام الحر والفضاء المفتوح. ولكن الاشاعة والاخبار المجتزأة باتت تشكل جزءا كبيرا من حجم الانتاج الاعلامي.

 

العدد المتزايد والمتشظي لوسائل الاعلام في العراق ترافق وللطرافة مع ازمة في الوصول الى المعلومة وايصالها للمواطن وهي المهمة الاولى لاي صحفي. لا تكمن المشكلة دوما في انعدام الكفاءة، فهناك صحفيون جيدون كثيرون جدا في العراق لكنني ارى المشكلة في تقاليد العمل.

 

ليس غريبا ان تكون لوسائل الاعلام توجهات وانحيازات, فهذا حاصل في كل العالم وهو شائع في الدول الديمقراطية. ولكن القضية هي في نوعية العمل وتقديمه.

 

عدت لصديقي بعد بحث وتدقيق لم يكونا ضروريين. فالخبر الذي قال لي انه ورد في (هواية وكالات) لم يكن له علاقة بالواقع حاليا.

 

اما ماله علاقة بالواقع فهو ان شبح تقسيم العراق موجود. وهو مخيف ومرعب حتى لمن لا يؤمنون بالاشباح مثلي ولكنهم يؤمنون بالعراق. شبح التقسيم موجود ليس بسبب اي قرار لأي برلمان في العالم. انه موجود في البرلمان العراقي الذي اتذكر انني اكثر من مرة غطيت انتخاباته وكانت التحليلات تشير الى ان الكتل السياسية العراقية لا تنقسم طائفيا هذه المرة وان هناك تحالفات جديدة عابرة للطوائف الخ… انتهى ذلك دوما في اجتماع الطوائف السياسية بعد الانتخابات من اجل تقاسم كعكة المناصب اللذيذة.

 

في عام ٢٠١٠  ترك السنة اياد علاوي من اجل مناصب خسرها قادتهم تباعا في ظروف معروفة للجميع. بينما تكتل الشيعة المختلفون على رئيس الوزراء السابق نوري المالكي خلفه بتدخل وضغط ايراني وتكتل بعدها الجميع خلفه بضغط اميركي.

 

وفي عام 2014 عام الخراب, امتدح سليم الجبوري على ترتيبة للنواب السنة القادمين من كتل مختلفة منقسمة مناطقيا في البرلمان تحت مظلة سميت باتحاد القوى العراقية وفي رواية اخرى اتحاد القوى الوطنية. كانت تلك الخطوة الاولى نحو انتخابه رئيسا لمجلس النواب ثم انتخاب الرئيسين العبادي ومعصوم.

 

البيوت السياسية في العراق منقسمة.. البيت الشيعي هو الذي افرز رئاسة العبادي في ظروف معروفة ايضا والبيت الكردي هو الذي اتى بالرئيس معصوم وليس بمنافسه برهم صالح الذي كان سيقوم على الارجح بنشاط ودور اكبر.

 

كل تلك وغيرها لم تكن مؤشرات للانقسام بنظر صديقي الصحفي. ولا بنظر الصحافة العالمية التي تعاملت معها منذ ٢٠٠٣ على انها الامر الواقع وهي فعلا امر واقع.

 

مالم يكن واقعا بنفس الحدة هو الانقسام المجتمعي. بعد كل ماحصل في السنوات الاخيرة اصبح هذا الانقسام حادا حتى في نفوس اطيب من اعرفهم وعلى السنتهم احيانا.

 

الحكومة الاخيرة جاءت بامل انقاذ العراق من شبح الانقسام, وخصوصا بعد أن اصبح مصيره على المحك في مواجهة داعش. الا ان تلك الحكومة اضاعت اكبر فرصة للانقاذ قدمتها تظاهرات الشعب في بغداد والجنوب ودعم المرجعية الواضح بل وتوجيهها نحو تغيير واصلاح حقيقيين لم يتحققا.

 

اضاعت حكومة العبادي ورئيسها تلك الفرصة لانها لم ترد ان تخرج من بيوتها التي تظنها امنة. بيت الشيعة وبيت السنة وبيت الكرد.

 

ياصديقي الصحفي العراقي تلك بيوت مسكونة بالاشباح, لاتبحث عن اخبار كاذبة عن التقسيم في عواصم عالمية بل اطلب من قادتك ان يفتحوا ابوابهم على بعضهم ويزيلوا الجدران العازلة بينهم قبل ان ينهار سقف الوطن او ما تبقى منه. اطلب منهم ذلك علك تنجح فيما فشلنا فيه.

 

 

خاص بـ "واي نيوز"