اخبار العراق الان

عاجل

أوباما في سوريا: اختار أن لا يختار! -

أوباما في سوريا: اختار أن لا يختار! -
أوباما في سوريا: اختار أن لا يختار! -

2015-12-18 00:00:00 - المصدر: ايلاف


 تحارب واشنطن داعش من دون أي استراتيجية واضحة، بينما ترتب عن تردد الرئيس الأميركي باراك أوباما استمرارًا للحرب في سوريا، وهي حربٌ تزداد تعقيدًا على مدار الساعة.

إعداد عبد الاله مجيد: حين اعترف الرئيس الاميركي باراك اوباما عام 2014 بأنه لا يملك استراتيجية لمحاربة تنظيم داعش، اذهل اعترافه الأصدقاء والأعداء على السواء، ثم عاد وتحدث بصراحة مماثلة بعد تسعة اشهر، حين اعلن في حزيران (يونيو) 2015 أن ادارته لم تعد استراتيجية متكاملة حتى الآن.

في هذا الإطار، هناك ثلاثة اسباب رئيسة وراء غياب مثل هذه الاستراتيجية، اولها موقف الرئيس الدفاعي في مجال السياسة الخارجية، فالرئيس اوباما يبدو في جملة من القضايا مدفوعًا بما يريد أن يتفاداه وليس بما يريد أن يحققه، وفي العراق وافغانستان واوكرانيا وايران مثلًا، سعى الرئيس الاميركي إلى تجنب العمل العسكري. وكانت ليبيا الاستثناء الذي يثبت القاعدة، لأن الدور الاميركي في اسقاط معمر القذافي أكد أن اوباما كان محقا في هواجسه إزاء مخاطر ما يسميه "مغامرات عسكرية"، كما يلاحظ بول سوندرز المدير التنفيذي لمجلة ناشنال انتريست الاميركية.

ثانيا، أن اوباما كثيرًا ما يبدو اقرب إلى استاذ القانون الذي يلقي محاضرات على طلابه، فهو بارع في استعراض مواطن الضعف في المقترحات الذي يقدمها اعضاء طاقمه، ولكن سياسته الخارجية هذه، والتي سمتها "التجنب"، تعيق حركته. وثالثا وأخيرًا، اوباما لا يفهم ممارسة السلطة عن طريق الحدس، لا كيف يستخدمها ومتى يستخدمها فحسب، بل انه لا يفهم أسسها وسيكولوجيتها وما يترتب عليها ايضا، كما يكتب سوندرز مضيفا أن النتيجة هي سياسة مصنوعة من شظايا خيارات مرفوضة.

حل ديبلوماسي

تتمثل المفارقة في أن اوباما، رغم تهرّبه من العمل الحازم، ما تزال لديه اهداف كبيرة، هي تنحية رئيس النظام السوري بشار الأسد وإلحاق الهزيمة بتنظيم داعش وإعادة الاستقرار إلى سوريا، ويبدو الرئيس غافلا عن التناقض بين هذا الطموحات الكبيرة وضآلة المجهود الذي يبذل لتحقيقها، بل أن اوباما، بعد امتناعه عن خوض حرب كبيرة، رفض تقريبًا كل خيار سياسي كبير آخر.

وكانت ادارة اوباما بدت عازمة في البداية على السعي إلى ايجاد حل دبلوماسي للحرب الأهلية في سوريا بدلًا من استخدام القوة العسكرية. لكن هذه الدبلوماسية كان محكومًا عليها بالفشل من البداية لأن الرئيس اوباما لم يضع في تفكيره اجبار الأسد على الرحيل. وتبقى هذه الدبلوماسية فاشلة إلا إذا عمدت الادارة إلى زيادة دورها العسكري بدرجة كبيرة في سوريا أو أعادت النظر في اهدافها، كما يرى سوندرز.

قيادة من الخلف

من الخيارات الأخرى المتاحة، التنسيق ودعم الجهود التي تقوم بها الدول الحليفة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط من اجل انهاء معاناة الشعب السوري باجبار الأسد على الرحيل، أو حتى اناطة ملف سوريا بهذه الدولة الحليفة. ويتطلب هذا دعم جهود الحلفاء لمضاهاة دور ايران على اقل تقدير.

لكن "القيادة من الخلف" أيضا باءت بالفشل، لأن النجاح في القيام بدور مساند يقتضي من الولايات المتحدة أن تفهم حقيقتين كبيرتين: الأولى، أن اهداف الولايات المتحدة لا تتطابق مع اهداف حلفائها وشركائها، والثانية أن قدرة واشنطن على تحقيق هذا التطابق تتناسب طرديًا مع ما تقدمه من مساهمة. لذا كان مثيرا للاستغراب حين بدا أن الرئيس اوباما وكبار المسؤولين في ادارته كانوا يتوقعون أن يتمكنوا من ادارة الحملة ضد الاسد وهم يجلسون على السياج دون تقديم مساعدة تُذكر.

وكان البديل الآخر عن "القيادة من الخلف"، أو تسليم ملف سوريا إلى الحلفاء، احتواء الحرب الأهلية السورية من دون أن تحاول الولايات المتحدة انهاءها ومعالجة الأزمة بصورة جذرية.

وأخيرا، كان بمقدور الادارة أن تقرر تسليح قوة سورية لديها ما يكفي من القدرة لاسقاط الأسد. وجرب الرئيس اوباما هذا الخيار لكن بخطى متعثرة ونصف جدية. وانتهى تخبط الادارة في برنامجها البطيء لتسليح المعارضة إلى تيسير صعود داعش وجماعات متطرفة أخرى مثل جبهة النصرة التي تنتمي إلى تنظيم القاعدة.

حرب أطول

يقول اوباما والمدافعون عنه إن ادارته تعمل كل ما بوسعها لاستخدام المتاح من الخيارات، بما في ذلك الحرب والدبلوماسية ورفع اليد عن النزاع واقامة تحالف اقليمي والاحتواء والحرب بالوكالة، وان السياسة الاميركية سياسة مركبة ومدروسة. لكن الواقع هو فوضى عارمة تزداد تعقيدًا نتيجة خمس سنوات من التذبذب والتردد والتعرج والالتواء والالتفاف لتفادي عقبات مختلفة دون وجود اتجاه محدد، والحق أن وجود اتجاه واضح ليس كافيًا بحد ذاته. فالعديد من المرشحين الجمهوريين للانتخابات الرئاسية اقترحوا سياسات واضحة الاتجاه لكنها سياسات خطيرة.

ما اسفرت عنه سياسة اوباما تجاه سوريا حتى الآن هو حرب اطول مع كل ما يترتب عليها من اثمان، مزيد من الضحايا ومزيد من التدمير ومزيد من اللاجئين ومزيد من الارهاب ومزيد من التداعيات عبر الحدود. 

وبحلول خريف 2015 امتدت التداعيات خارج سوريا بتدفق اللاجئين على اوروبا وتفجير طائرة مدنية روسية واعتداءات باريس والمواجهة التركية ـ الروسية. كما اوجدت سياسة اميركا الفاشلة فرصة جيوسياسية بديلة تلقفتها موسكو التي شكلت ضرباتها الجوية في سوريا تحديًا للولايات المتحدة وزادت الجهود الرامية إلى انهاء الحرب تعقيدًا.

ويلاحظ بول سوندرز، المدير التنفيذي لمجلة ناشونال انتريست انه مع بقاء عام واحد فقط من ولاية اوباما يبدو واضحا بصورة متزايدة أن الرئيس الذي اراد أن تكون تركته الانسحاب من العراق وافغانستان ستكون تركته حربًا مستمرة في الشرق الأوسط لم يكن استمرارها حتميًا.