يـدًا بيـد
خجلٌ يعتري العالمَ أجمع من قدرةِ الشعبِ الفلسطيني على كسرِ كلِ المؤامراتِ التي تُحاكُ ضدّهُ، والتي يشتركُ فيها الجميعُ على حدٍ سواء، إما بالمشاركةِ الفعليةِ أو بالصمتِ القاتل.
ما زالَ الفلسطينيُ يبتكرُ وسائلَ قتاليةً تُضْعِفُ من قوةِ عدوه و تهزُ من جبروته، مستخدمًا كل ما يُتاحُ له من إمكاناتٍ للنضالِ ولنيلِ الحرية، ولا تقفُ قوةَ الفلسطيني عند حدِ الحجرِ والسكينِ والعبواتِ المحليةِ الصنع بل أضاف عليها سلاحًا أكثرَ إرهابًا وتخويفـًا، نبع هذا السلاحُ من قولِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: “مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى” صدق رسول الله. [أخرجه البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير]
كلما زادَ الاحتلالُ في غطرسته وعنجهيته كلما زادَ تكاتفُ الشعبُ وتلاحُمِه، وفي ذلك رسالةً يُرسلها الشعبُ لمحتلِه بأنه لا تُرهبه القوةُ المستبدةُ في هدمِ البيوت وقتلِ الشباب والأطفال والنساء والشيوخ، فشعبٌ وَهَبَ رُوحَه لوطنه ودينه لن يَتوانى عن تقديمِ بيته عن طيب خاطر.
وتجلّت أسمى مشاهدِ التكافلِ الاجتماعي في وِقفةِ أهالي مخيم شُعْفاط بالقدس المحتلة مع أهل الشهيد “إبراهيم عُكاري” والذي هَدمت قواتُ الاحتلال منزلَه في وسيلةٍ منها لوأد النضال الفلسطيني، لكنه تفاجأ بردة فعل أهالي المخيم؛ حيثُ لم تمرْ أربعة ساعاتٍ على هدمِ المنزل إلا وقد تم تجهيزُ منزلٍ آخر بكل لوازمه المعيشية وتم تسليمُ مفاتيحه لعائلة الشهيد.
بعد تجهيز المنزل بدأت حملاتِ التبرعِ من أهالي المخيم وأصحاب الورش والمحلات بتقديم كل ما يمكنهم تقديمُه من أجل إعادة منزل الشهيد كالسابق في أقل من شهر.
لم يقفْ الأمر عند هذا الحد، بل إن مدينة نابلس انتهجت المنهج ذاتَه وبدأت فعليًا في أكبرِ حملةِ تبرعاتٍ من أجل إعادة بناء منازل كل من يقوم الاحتلال بهدم منازلهم.
هذه الصورة لم تكن الصورةَ الأولى ولم تكن بدايةَ المنهج بل إن أهالي قطاع غزة كان لهم بصمةٌ واضحةٌ في تكافله كان من أجلِها وأبرزها يوم أن أعلنت قوات الاحتلال نيتها قصف منزل أحد الشهداء فقام أهالي المنطقة بالتجمهر على سقف ذلك المنزل؛ منعًا للاحتلال من قصفه وكان على رأسهم الشهيد “نزار ريان” وقد كانت إرادة الشعب الفلسطيني أقوى من الاحتلال ولم يتم قصف المنزل وأصبحت هذه الطريقة منهجًا يسير عليه جميع أبناء الشعب.
وصورٌ عديدة رسمها الشعب خلال العدوان الأخير على قطاع غزة تمثلت في احتضان من تم قصف منزله حيث تشاركت أكثر من عائلة في منزل واحد تقاسموا الغرف وكذلك الطعام الشحيح.
كثيرةٌ هي صورُ التكافلُ التي حارب من خلالها الشعبُ الفلسطيني الاحتلال الصهيوني سواءً في غزة أو الضفة أو أراضي الـ48.
شعبٌ بهذه العقلية يسعى لتحرير بلاده بشتى السبل قلْ لي بربك كيف يُهزم؟!.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست