كيف يمكن مراقبة وقف إطلاق النار في سوريا؟ … حسين محمد
" data-lightbox="roadtrip" data-group="group" rel="attachment wp-att-53572"/>بدأت الأمم المتحدة دراسة خيارات لمراقبة وقف محتمل لإطلاق النار في سوريا، بناء على قرار مجلس الأمن الأخير حول سوريا لوضع خيارات في غضون شهر لمراقبة تنفيذه فيها.
ويجب أن تقدم الأمم المتحدة خطة متكاملة حول وقف إطلاق النار قبيل انطلاق المفاوضات السياسية بين المعارضة والحكومة السورية بداية العام المقبل في جنيف، وليس معروفا ما إذا كان سيطبق وقف إطلاق النار مع انطلاق هذه المفاوضات، أو مع بدء المرحلة الانتقالية التي تلي المفاوضات.
بحسب التسريبات السياسية، تتجه الأمم المتحدة إلى تبني خطة تصاعدية، تبدأ بخيارات خفيفة لمراقبة وقف إطلاق النار، وليس لتطبيق إلزامي لوقف إطلاق النار لأن ذلك يتطلب قرارا تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ومن شأن هذه الخطة أن تعتمد على شخصيات سورية من الداخل تكون بمثابة فريق المراقبة من أجل إبقاء المخاطر التي يواجهها الفريق عند أدنى حد ممكن.
وسيتحول هذا الفريق السوري من طرفي الأزمة بطبيعة الحال إلى وكلاء لمجلس الأمن على الأرض، مهمته التبليغ عن أي انتهاكات تجري لوقف إطلاق النار، ويتطلب الأمر اختيار وكلاء ممن يتمتعون بالمصداقية في الحصول على المعلومات وإقامة آلية لنقل تقاريرهم إلى الأمم المتحدة، مع دعم لوجستي من الأمم المتحدة عبر إرسال ربما مستشارين، وهي مهمة جديدة ستضاف على عاتق القوى الرئيسية المؤثرة في سوريا.
ويبدو واضحا أن فكرة إرسال المنظمة الدولية قوات مراقبة لوقف إطلاق النار من خارج سوريا ما زالت بعيدة، في ظل حدة الصراع على الأرض من جهة، وبسبب تعقيدات الوقع الميداني، حيث خطوط الاشتباك متداخلة في أكثر المناطق من جهة ثانية، ولبقاء فصائل عسكرية خارج عتبة اتفاق مجلس الأمن، أي ترفض الهدنة من جهة ثالثة، ولأن وجودا أمميا يتطلب تجهيزات وإمكانيات عسكرية كبيرة من جهة رابعة مازالت غير متوفرة.
يعكس قرار الأمم المتحدة الاعتماد على شخصيات سورية لمراقبة وقف إطلاق النار مخاوف المجتمع الدولي من إرسال مراقبين أو قوات حفظ سلام إلى سوريا، حيث لا ثقة بالواقع الميداني، ولا ثقة على ما يبدو بمعظم الأطراف المتقاتلة.
ولعل تجربة فريق الجامعة العربية الذي أرسل إلى سوريا في إبريل / نيسان عام 2012 كانت كارثية في وقت كان الصراع محصورا في حدوده المحلية، ولم ينتقل إلى حدوده الخارجية وما ترتب على ذلك من تدخلات ساهمت في إدخال العنصر الأجنبي في القتال، ومع ذلك تعرض فريق الجامعة العربية برئاسة الفريق عمر الدابي لإطلاق النار، الأمر الذي دفع الجامعة العربية إلى إنهاء المهمة في آب / أغسطس 2012.
كما تعرضت قوة أخرى لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة تتولى حتى الآن مراقبة الحدود الاسرائيلية ـ السورية في مرتفعات الجولان لإطلاق النار مرارا بل وحوادث خطف على أيدي مسلحين يقاتلون قوات الحكومة السورية.
وإضافة إلى كل ذلك، ثمة مشكلة كبيرة تمنع من إرسال قوات أجنبية، وهي أن الهدنة لن تشمل تنظيم “الدولة الإسلامية” و “جبهة النصرة” المنظمتين الإرهابيتين الأكثر قوة على الأرض، إضافة إلى فصائل أخرى تابعة لها، الأمر الذي سيصعب عملية المراقبة، خصوصا في ظل متغيرات الواقع الميداني وخطوط الاشتباك.
ولهذه الأسباب يرفض المجتمع الدولي إرسال قوات أجنبية إلى سوريا على الأقل في المراحل الأولى من مراقبة وقف إطلاق النار.
على أن القضية الأصعب مرتبطة بمدى قناعة طرفي الأزمة السورية بوقف إطلاق النار، ومدى القدرة على تحديد الطرف الذي خرق الهدنة، وهي مهمة تبدو في غاية التعقيد مع انعدام الثقة بين طرفي الأزمة السوريين، إذ قد يحاول كل طرف خرق الهدنة واتهام الطرف الآخر في حال سارت الأمور على خلاف مصالحه، ومن المعروف أن المعارضة تتهم الحكومة السورية برفضها بدء الانتقال السياسي قبيل وقف العنف، وفي المقابل تتهم الحكومة أطراف في المعارضة بعدم جديتها في إنهاء الأزمة، ولذلك يخشى أن يكون مصير هذه التجربة كمصير فريق الجامعة العربية قبل ثلاث سنوات.