اخبار العراق الان

الوجود العسكري التركي والألغام الموقوتة في الإقليم

الوجود العسكري التركي والألغام الموقوتة في الإقليم
الوجود العسكري التركي والألغام الموقوتة في الإقليم

2016-01-03 00:00:00 - المصدر: ساسة بوست


عادل علوانFollow @-adilaljiboury

أكثر من طرف سياسي كردي، أكد أن تداعيات أزمة الاجتياح العسكري التركي للأراضي العراقية، وتمركز قطع من الجيش التركي في قضاء بعشيقة شمال محافظة نينوى في الرابع من شهر كانون الأول-ديسمبر الجاري، انعكست سلبًا على المشهد السياسي الكردي، وزادت من حدة التشنجات والتقاطعات القائمة بين الفرقاء الأكراد، وأكثر من ذلك، جاءت الأزمة الجديدة، وكأنها تمهد الأرضيات والأجواء بدرجة أكبر للحديث عن نشوء إدارة أخرى في الإقليم بمحافظة السليمانية، وهو ما يعني الذهاب إلى حالة التشظي والتفكك التي سادت خلال عقد التسعينات من القرن الماضي.

ولعل المواقف الكردية المختلفة – المتناقضة – من الاجتياح التركي، مثلت أهم وأبرز وأوضح المؤشرات على الانعكاسات السلبية المشار إليها، فالحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، بدا، إن لم يكن مرحبًا ومتحمسًا لما قامت به أنقرة، فإنه لم يكن معارضًا لذلك.

وما قاله قادة الحزب الديمقراطي، ومن بينهم رئيسه البارزاني، إن دخول تركيا العسكري للعراق، ليس الأول من نوعه، وأنه تم بعلم وموافقة الحكومة الاتحادية، في الوقت الذي أعلن البارزاني استعداده للتوسط بين بغداد وأنقرة لنزع فتيل الأزمة، ليطير بعد ذلك مباشرة إلى تركيا ويلتقي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو ومسؤولين أتراك آخرين، حيث أدلى من هناك بتصريحات انطوت على دفاع عما أقدمت عليه أنقرة.

في مقابل ذلك فإن خصوم الحزب الديمقراطي، المتمثلين بحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وحركة التغيير (كوران)، والجماعة الإسلامية والاتحاد الإسلامي الكردستاني(يكرتوو)، أصدروا بيانات وتصريحات منفصلة أدانوا فيها بشدة الاجتياح العسكري التركي للأراضي العراقية وعدّوه انتهاكًا للسيادة الوطنية، وبعضهم اتهم البارزاني بالتواطؤ مع أنقرة.

وما يقوله خصوم البارزاني خلف الكواليس، ويسربون جزءًا منه إلى وسائل الإعلام، بأن الأخير راح يقدم تنازلات للأتراك، ويستجدي السعودية، ويغازل آخرين من أجل ضمان البقاء في منصب رئاسة الإقليم، بعدما أغلقت كل الأبواب بوجهه، ليلجأ إلى خيار القفز على الشرعية وفرض الأمر الواقع.

ولا تبتعد المعطيات على الأرض عن هذه الرؤية، لاسيما وأن المعركة بين الفرقاء الأكراد وصلت مرحلة “كسر العظم”. بعد أن طرد الحزب الديمقراطي، رئيس برلمان الإقليم المنتمي لحركة التغيير يوسف محمد فرج، وكذلك طرد وزراء وبرلمانيي حركة التغيير من مدينة أربيل، وراح قادة الحركة يتحركون ويبحثون مع قادة حزب الاتحاد الوطني والجماعة الإسلامية تشكيل إدارة كردية في السليمانية لاعلاقة لها بالإدارة في أربيل التي استحوذ عليها حزب البارزاني.

وفد الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي زار بغداد مؤخرًا والتقى بزعماء سياسيين وممثلي قوى سياسية مختلفة، أسرّ لهم أن الأوضاع في إقليم كردستان تتجه إلى الحافات الخطيرة، وأن فرص التفاهم بين البارزاني وخصومه باتت معدومة تقريبًا، ناهيك عن أن الأزمات الاقتصادية والتحديات الأمنية أخذت تعمق الهواجس والمخاوف لدى عموم فئات وشرائح المجتمع الكردي.

فالأكراد يرون أن الدخول العسكري التركي، يعني إمكانية تحول الإقليم إلى ساحة لتصفية الحسابات والصراعات بين تركيا وخصومها، وتحديدًا حزب العمال الكردستاني (P.K.K)، وجناحه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي (P.Y.D)، وكذلك انعدام فرص حل واحتواء الخلافات بين القوى الكردية العراقية في ظل تباين المواقف حيال السياسات والتوجهات التركية تجاه العراق، فضلًا عن ذلك فإن تفاقم الأزمات بين بغداد وأربيل، وبين بغداد وأنقرة، سيفضي إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية – وحتى الأمنية – في الإقليم.

وقد أشار وفد الاتحاد الوطني الكردستاني، إلى أنه لا يوجد في الأفق ما يؤكد على تمكن حكومة الإقليم من معالجة مسألة تأخر رواتب موظفي الإقليم، ولا إلى دفع مستحقات الشركات النفطية الأجنبية التي تجاوزت خمسة مليارات دولارات، علما بأن أغلب الشركات أوقفت أعمالها، وبعضها غادرت، وبعضها راحت تتحرك قانونيا لتحصيل مستحقاتها المالية.

وتؤكد مصادر كردية خاصة، أن ثلاثة وعشرين شركة بتخصصات مختلفة علقت نشاطاتها بإقليم كردستان بسبب الظروف الاقتصادية والأمنية والسياسية السيئة والمرتبكة.

من جانب آخر يتوقع خبراء في مجال الأمن، أن يخطط حزب العمال الكردستاني لاستهداف الحزب الديمقراطي في أربيل ودهوك، ردًّا وانتقامًا، جراء سياسة التهادن التي يتبعها الحزب الديمقراطي الكردستاني مع تركيا على حساب مصالح الأمة الكردية.

وهذا في حال حصوله، سيدخل الإقليم في المزيد من المتاهات والدهاليز المظلمة، ليتضرر منه أساسًا حزب البارزاني، ومن ثم ينعكس سلبًا على تركيا، لأن إقليم ديار بكر الذي يقع على مرمى حجر من إقليم كردستان، لن يكون بمنأى عما يحصل من تفاعلات – أو قل صراعات – كردية، علمًا بأن حزب العمال يسعى جاهدًا لتحويله إلى ميدان للمواجهة مع الحكومة التركية.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست