هل يضرب طيران الجيش الثوار
هذه الأيام تتعالى أصوات على مواقع التواصل الاجتماعي مطالبة برحيل عبد الفتاح السيسي من حكم البلاد، يبدو أن تلك الأصوات قد ارتفعت قليلًا حتى قرر هو الرد عليهم إعلاميًا، تذكرت الرئيس الأسير الدكتور محمد مرسي وهو في موقف مماثل كيف خرج ليوجه رسالة لمن يسبونه: “اعتبرينى والدك!”، وقتها اعتبرت رده ضعفًا بالغًا، عندما تابعت خطاب الآخر كانت هناك سخرية مريرة تتدفق بداخلي وحسرة، لقد قال نصًا: “نحن لا نخون ولا نقتل ولا نتآمر!”، ثم أكمل لاحقًا وقال: “ايه التمن اللي أنا ممكن أدفعه لما أتسبب في ضياع تسعين مليون هنا وأحولهم أو أحول جزء كبير منهم لمشردين ولاجئين! أنا بسمع أحيانًا البعض بيقول عايزين نعمل ثورة جديدة! ليه أنت عايز تضيعها ليه؟!”.
الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، من يحكم مصر الآن يرى أنه سيحولها لسوريا إن جرأ الشعب على الخروج عليه، خطاب أنا أو الفوضى يتكرر بشكل أعنف بدون أدنى شك.
مع اقتراب الذكرى الخامسة لثورة الياسمين التي ضيعتها سذاجتنا جميعًا وغرور البعض؛ أتخيل أن الصورة ستزداد قتامة وأن ما لم نتخيل حدوثه ورأيناه في فض رابعة والنهضة وأحداث مسجد الفتح وكل مسيرة خرجت عقب الفض وانتهت بدموية رهيبة كل هذا متوقع وأكثر في ذكرى الثورة الخامسة.
نمت مهمومة بعد سماعي لهذا الخطاب، فرأيت فيما يرى النائم الطائرات الحربية تحلق بكثافة في السماء والناس تصرخ في الشارع، وأنا أصرخ معهم! استيقظت من نومي مقطوعة الأنفاس، والتقيت لاحقًا بإحدى العزيزات على قلبي الثائرات لأجل الوطن وسألتها عن تلك الرؤيا فصمتت صمت المهموم وقالت: “لا نستبعد أي شىء على الإجرام الذي نراه، ألم تضرب طائرات الجيش ميدان رابعة، لماذا لن تضرب الثوار في التحرير هذا إن نجح الناس في الوصول للميدان، ما هو البديل إن لم ينزل الشعب للمطالبة بالقصاص وبإخراج من في المعتقلات، أين تتجه مصر في ظل حكم يسبب لها التدهور الاقتصادي والانهيار المعنوي للناس على جميع القطاعات عدا المنتفعين وحاشية الساسة وأهل السلطة، قرأت بعد الثورة الأولى كلامًا يحكي عن أن مبارك طلب من طائرات الجيش ضرب الثوار في ميدان التحرير لكنهم لم ينصاعوا له، ماذا سيحدث إذا كان السيسي يمتلك تلك القوة بالفعل وسيضرب الناس ويعرض البلاد لهكذا دمار!
تذكرت تلك الصديقة العائدة من سوريا وهي تقول لي: “لم تعد البلد تصلح لغني أو فقير، تدمرت البنية التحتية وانتهى كل شيء!”، وتذكرت أخرى زارتني في عملي لتخبرني بلا مبالاة أن ما يحدث في سوريا لا يمت لما ينقله الإعلام المبالغ، وأن هناك مناطق لم تطلها الحرب ولم تعترض على حكم بشار وتعيش في سلام.
هل نتحول إذا لم ينجح الثوار في الاصطفاف إلى سوريا أخرى، هل هناك مأساة تلوح في الأفق؛ لهذا أخليت بلادنا من الأجانب وصرنا حرفيًا في معتقل كبير ينتظر إصدار الأحكام على من فيه، إن كل السيناريوهات المحتملة شديدة القتامة وإن كان أبسطها أن يبقى الوضع على ما هو عليه؛ فهو سيناريو قاتم جدًا في حد ذاته لأننا نغرق بمهارة منقطعة النظير.
تجولت في السوق المجاور لبيتي فوجدت كل البضائع معروضة لكن وجوه الناس تقول أنهم لا يمتلكون الثمن، المواسم لم تعد تأتي بالبهجة على أحد في موسم المولد قد نصبت الشوادر ورصت الحلوى والزينة لكن من يشتري قليل.
إن وضعنا الحالي سيء، والتفكير في توقعات كارثية بخصوص الثورة ومن في الحكم الآن سيء بالفعل، أظن في النهاية أن الأمر يحتاج إلى معجزة الاصطفاف، وإلى معجزة أخرى يشل الله بها بطش تلك القوة الغاشمة التي تهدد أي أمل بأن يستعيد الشعب ثورته وأن نمتلك إرادتنا في هذا الوطن من جديد.
إن عقلي عاجز تمامًا عن حل هذه المعضلة، ولا أظن هناك أحد الآن يمتلك حلًا واضحًا لها، لكنني ألقي بها وبكل نائبة على بساط الرجاء في حرم الدعاء الموصول بيني وبين الكريم، وموقنة أنه سينجي عباده المؤمنين من كل كرب وبلاء إلى كل عافية وخير، إن لم نستطع إجابة أي سؤال بخصوص ما سنراه في بلادنا الفترة القادمة؛ فيكفي أن نحمل الدعاء حارًا إلى رحاب من لا يظلم عنده أحد رب المعجزات.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست