البيشمركة والحشد الشعبي "أعلنا الحرب".. والعبادي "صمت" ثم أختار الكرد!
منذ أكثر من أسبوع، بدأ صراع جديد في العراق، تمثل ببيانات "حادة" بين البيشمركة والحشد الشعبي، وبعض الفصائل المنضوية فيه، وصلت لحدود "سحق الرؤوس" والحديث عن الدعم الإقليمي، سواء من إيران أو اسرائيل، بالإضافة إلى تهديدات صريحة بشن حرب شاملة، في هذا الوقت "العصيب"، التزم رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي "الصمت" دون أي بيان يدعو للتهدئة، وهو "أضعف الإيمان"، بل فعل ما غير متوقع، فانه استقبل مسرور بارزاني في مكتبه، الذي يعد "العدو الجديد" للحشد!.
البيشمركة، اعلنت في بيان لها أن المناطق التي استعادتها بعد 17 تشرين الأول 2016، ليست خاضعة للنقاش، وينبغي عقد اتفاق بخصوص هذه المناطق من قبل جميع الأطراف حفاظا على أمن سكانها، ولا يمكن أن تخضع لقرار أحادي الجانب.
وبينت أنه تم خرق الاتفاقات الثنائية، قائلة "إذا كان بعض الأشخاص داخل الحشد وبعض الكرد المرتزقة يرغبون باستغلال حرب داعش لخلق المشاكل بين أهالي المنطقة والبيشمركة والتجاوز على أراضي كردستان، فنحن نود القول أنه ليس بإمكان أحد ولن نسمح لأحد أن يتجاوز على أراضي كردستان ومن يرغب بذلك فليجرب".
تهديد البيشمركة هذا جوبه بردود من الحشد الشعبي ومن حركة عصائب أهل الحق، ما أدى إلى تصعيد سريع وربما "خطير" وصل مرحلة تبادل التهديدات، حتى قالت البيشمركة أن "المئات من الأشخاص بات مصيرهم مجهول على أيدي العصائب، وأنهم غير قادرين على قتال مفرزة واحدة من داعش، لو لا المستشارين والقوات الإقليمية".
قبل كل هذه البيانات، كان نوري المالكي قد شعل "فتيل المشكلة" عبر تصريحاته لصحيفة الاخبار اللبنانية، التي تهجم فيها على رئيس الإقليم مسعود بارزاني، ووصف حكمه بـ"طريقة الآغاوات" وكشف أن له علاقات مع إسرائيل وأن المخابرات والشركات موجودة في الإقليم، الأمر الذي أدى برئاسة الإقليم إلى شن هجوم كبير على المالكي وقالت "كان عليه أن ينهي حياته"! في تعقيب على سيطرة داعش على ثلاث محافظات أبان حكمه.
حرب كردستان وبغداد، إن استمر الأمر في التصعيد، ربما تكون واقعا، خاصة وأن قوات الحشد الشعبي والبيشمركة ما زالتا في الجبهة وعند الخطوط الأمامية!.
في هذا التصعيد، وتبادل البيانات، التزم العبادي "الصمت" ولم يتطرق لهذا الأمر بأي شكل من الأشكال، لكنه، في خطوة غريبة، استقبل في مكتبه ببغداد مستشار مجلس امن الاقليم مسرور بارزاني، وبحث معه التعاون مع البيشمركة!.
اهل الحق، أصدرت بيانا امس، جاء فيه "مع كل انتصار وتقدم تحققه القوات الأمنية والحشد الشعبي يخرج الى العلن من يعتاش على الازمات، من يرى في الانتصارات ضررا على مشاريعه وكان آخرها بيان صادر باسم وزارة البيشمركة".
وأكدت الحركة أن "أبناء الحشد الشعبي كانوا ولازالوا يحققون الانتصارات بمعارك وطنية خالصة بغطاء جوي عراقي لم يساهم فيها الاميركيون وحلفاؤهم ابدا".
وتابعت "نحن في الوقت الذي نؤكد فيه ان تضحيات الابطال المقاتلين من اخوتنا الكرد في البيشمركة هي تضحيات عراقية كبيرة تتكامل مع ما قدمته قواتنا الباسلة في الحشد والشرطة والجيش في خارطة الانتصار العراقي على اعدائه، ننبه الجميع وخصوصا أبناء المكون الكردي بان عائلة السلطة في أربيل يعمد على التلاعب بالألفاظ والتضليل لإيهام الشارع في إقليم كردستان بان انتقادات القوى والحركات الوطنية لسياسات الرئيس الفاقد للشرعية وحاشيته هي تستهدف الإساءة للشعب الكردي وهو امر مجاف للحقيقة".
ولفتت إلى انه "يعيب بيان البيشمركة على الحشد الشعبي الاستعانة بمستشارين اقليميين!، فلماذا تستعين انت بمستشارين اقليميين ودوليين وإسرائيليين، اذا كان هذا عيب؟".
وأشارت إلى أن "البيان حاول الانتقاص من قوة وكفاءة مقاتلي الحشد، والعدو قبل الصديق يشهد ويعترف بانجازات وبطولات الحشد".
واستدركت أن "التجربة أثبتت الأهداف الوطنية لقوات الحشد الشعبي ومقاتلينا الابطال الذين بذلوا الدماء من اجل استعادة كرامة أبناء المكونات الأخرى".
وقالت إن "الاستمرار في التخطيط ضد وحدة العراق لن ينفع بارزاني وحاشيته الذي يصر على تحويل عاصمة كردستان الى ملاذ للإرهابيين وموقعا امنا لأجهزة المخابرات الإسرائيلية".
وختمت بيانها بالقول: "نحن على ثقة كاملة بوعي شعب إقليم كردستان في فهم الغايات الشخصية من وراء السياسة العنصرية التي ينتهجها من تسبب بإدخال المحافظات الشمالية بأزمات شتى لا طائل منها".
العبادي ينهي صمته
بيان عصائب أهل الحق هذا، هاجم بصورة واضحة عائلة بارزاني وحاشيته، وكال الاتهامات لها، وبات الصراع "سياسيا" بتلميحات لا تخفي "الظهر القوي" من كلا الطرفين، في هذا الوقت، استقبل العبادي "عدو" الحشد مسرور بارزاني، فهل يحاول العبادي التأكيد على أنه في "الضفة الأخرى" لبيانات العصائب؟، خاصة وأن أمينها العام قيس الخزعلي، قال في لقاء تلفزيوني أنه "ربما العبادي كان يقصدنا"، وذلك تعقيبا على حديث العبادي عن عصابات الخطف في بغداد!!.
وقوف القائد العام للقوات المسلحة، وقفة شخص يشاهد "فيلما" في بلد يحترق من شماله إلى جنوبه، أمر "غير مقبول" من جهة، ويشير إلى تحركات أخرى، من جهة ثانية، فموقف العبادي يبدو واضحا أنه اتخذ الكرد "سلاحه الخاص".
مراقبون أشاروا في وقت سابق إلى أن العبادي "انسلخ" من عباءة إيران والحشد الشعبي و"البيت الشيعي" خاصة بعد توسع علاقاته مع الدول الخليجية وواشنطن، وأصر على لقاء وزراء قطر والسعودية، في وقت كانت إيران تصدر بيانات بالضد من القمة السعودية الامريكية.
العبادي، أيضا، سمح لأمريكا بفرض سيطرتها على الطريق الخارجي في الانبار، الذي يربط العراق بسوريا والاردن، ومنحها الضوء الأخضر للتصرف، من أجل تأمينه وتأمين المنافذ الحدودية، هذا التحرك، جوبه بوصول الحشد الشعبي للحدود العراقية السورية، ويعتزم الوصول لمدينة القائم بالانبار، وتطهيرها من داعش، هذه التحركات المتناقضة، التي تنذر بـ"حرب جديدة"، يقودها العبادي بـ"أعصاب باردة"!.
بعد الصراع الكردي – الشيعي، المندلع حاليا، اختار العبادي جهته، ونأى بنفسه عن الجدل والسجال، بالتالي من يقود العراق؟ من هو القائد العام للقوات المسلحة، إذا كان العبادي يختار جهات على أخرى؟ ألم يكن الأجدر به أن يحل الأزمة، بدلا من أن يساهم بتأجيجها؟.