تصاعد المخاوف من انهيار الاتحاد الأوروبي -
تصاعدت المخاوف من وصول الاتحاد الأوروبي رمته نحو حائط مسدود، لا سيما في ظل الأزمات الوجودية التي باتت تهدد أساسات وجوده وقيامه، بالإضافة إلى التراجع الملحوظ في القدرة على إبتكار الحلول الناجعة.
إعداد ميسون أبو الحب: يرى مراقبون أنه أيًا تكن النتائج التي ستخرج بها قمة بروكسل هذا الاسبوع، فمن المؤكد أن الاتحاد الاوروبي يواجه أزمة وجودية منذ العام الماضي، وهي الاضخم منذ العام 1999.
ومن المؤكد أيضًا ان قادة الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي سيحاولون المواصلة في جو ضبابي مع فشلهم مجددًا في حل المشاكل الاساسية التي تواجه الاتحاد وتؤدي الى ازمات مالية وسياسية داخلية وخارجية، ابتداءًا بأزمة اوكرانيا وانتهاءًا بأزمة اللاجئين.
حتى رئيس الوزراء البريطاني يحاول اعادة التفاوض بشأن شروط عضوية بلاده كي لا تخرج من الاتحاد، وهناك ايضًا انتخابات في بولندا وفي فرنسا والبرتغال، التي عكست رأيًا عاما مشككًا بالاندماج الاوروبي، وبكونه أفضل انموذج محتمل.
وفي إسبانيا ستجري انتخابات يوم الاحد، ومن المؤكد ان الحزب الشعبي المحافظ سيخسر أغلبيته البرلمانية مع رغبة الناخبين في تغيير تضاريس المشهد السياسي في البلاد بوجود اربعة احزاب كبيرة، وفي طرح اسئلة عديدة تتعلق بمستقبل البلاد.
بلا فائدة
إلى ذلك، يصارع كاميرون رغبة واسعة في بريطانيا لمغادرة الاتحاد الاوروبي، لأن هذه العضوية اصبحت مكلفة جدا وبلا فائدة واضحة، وقد ظهر هذا الاتجاه واضحًا في تعليق نُشر مؤخرًا ربما عكس وجهة نظر محافظة للبنك المركزي ولأوساط الاعمال والتجارة البريطانية، والتي زادت من انتقاداتها لاوروبا في الآونة الاخيرة.
كتب التعليق جون نوجي، وهو مسؤول سابق في بنك انكلترا ويشغل حاليًا منصب رئيس منتدى المؤسسات النقدية والمالية الرسمية في لندن (اومفيف OMFIF)، بعد لقائه مسؤولين من آسيا عبروا عن نظرة متشائمة ازاء الوضع في اوروبا: "هناك احساس بأن الاتحاد الاوروبي يكاد يتحول الى مشكلة عويصة، فهناك اولًا نهاية حرية التنقل داخل دول الاتحاد، ثم خروج اليونان المحتمل من منطقة اليورو، او حتى مغادرة بريطانيا الاتحاد الاوروبي نفسه"، واضاف: "الفكرة في آسيا ان الاتحاد يعاني لانه يقف بين طرفيّ نقيض من القوة والضعف، ويعني هذا أنه لا يملك لا نظامًا ديمقراطيًا قويًا ولا نظامًا اوتوقراطيًا قويًا".
وقال نوجي ايضا إن هذا الكلام يعني أن الاتحاد "ديمقراطية ضعيفة، وأن السلطات تملك القوة الكافية كي تحاول ان تحكم دون تأييد شعبي، غير انها أضعف من أن تتجاهل الرد الشعبي السلبي الذي يثيره الفعل الاول، وهو ما يزيد من ضعف هذه السلطات بشكل أكبر".
وفكرة هذا الخبير الاساسية، حسب ما ذكرت صحيفة ماركت ووتش، هي أن قادة اوروبا يواجهون ازمات تفوق طاقاتهم، بحيث يقول: "التعقيد الذي تتصف به كل قضية لوحدها يخلق مصاعب تفوق قدرات النظام السياسي على حلها".
كيانان
وفي تعليق آخر، نشرته اومفيف هذا الاسبوع، كتب انتونيو ارميلليني، وهو دبلوماسي ايطالي سابق مثّل بلده في عدد من العواصم الاجنبية وفي المنظمات الدولية، مؤكدًا بأن مطالب بريطانيا باعتماد شروط خاصة تتعلق بعضويتها "يجبر الجميع على الاقرار بان الشعار القائم على ان يكون للـ 28 بلدًا هدف نهائي واحد .. ميتٌ رسميًا".
ودعا ارميلليني، وهو عضو في مجلس استشاري في اومفيف، صناع السياسة الى تقبّل الواقع على الارض، وكتب في تعليقه يقول: "يجب ان نسعى الى تأسيس كيانين اوروبيين، احدهما يضم دولا تريد تحقيق وحدة سياسية وتتجمع حول عملة اليورو، فيما تقوم اوروبا الثانية على أساس منطقة تجارية حرة وأمور اخرى وتجتمع حول بريطانيا".
واضاف: "سيكونان كيانان متوازيان، وسيشكلان جزءًا من اتحاد اوسع في اوروبا يضم دولا تشترك بمبادئ واحدة على صعيد التمثيل الديمقراطي واقتصاد السوق والحقوق الاساسية".
ورأت الصحيفة ان منتدى اومفيف يسمح عادة بنشر آراء عديدة يكتبها خبراء قد تتباين آراؤهم بشكل كبير، ولكن نشر هذين التعليقين اللذين كتبهما معلقان مخضرمان يطرح اسئلة عديدة تستحق التوقف عندها بشأن مستقبل الاتحاد.
والنقطة الاساسية هنا تتمثل بأنه ورغم قدرات القادة الاوروبيين ومهاراتهم في السعي الى حل المشاكل، هناك تصدعات وشروخ بدأت تظهر للعيان، وقد تصل الى اساسات الاتحاد الاوروبي نفسه.